إصلاح النفس بداية كل إصلاح منذ فجر الحضارات، أدرك الإنسان أن أعظم معركة يخوضها ليست مع الخارج، بل مع ذاته. ومن هنا تأتي الحكمة البالغة: “إصلاح النفس بداية كل إصلاح”، وهي حكمة يمكن أن نتخيلها منقوشة على ألواح الطين السومرية، كوصية خالدة لأجيال لم تولد بعد. جذور الفكرة في التاريخ في حضارة سومر، حيث ظهرت أولى الكتابات والمدونات، كان الإنسان منشغلاً بالبحث عن النظام والعدالة والمعنى. ألواح الطين لم تحمل فقط قوانين التجارة والزراعة، بل حملت أيضًا بذور الحكمة والأخلاق. فالمجتمعات التي أرادت البقاء، عرفت أن الفساد الداخلي يسبق الانهيار الخارجي، وأن الفرد هو اللبنة الأولى لأي حضارة. معنى إصلاح النفس إصلاح النفس لا يعني المثالية المطلقة، بل يعني الوعي بالعيوب والسعي لتقويمها. أن يكون الإنسان صادقًا مع ذاته قبل أن يطالب الآخرين بالصدق، عادلاً في قراراته قبل أن يدعو للعدالة، ورحيماً بقلبه قبل أن يرفع شعار الرحمة. فالذات غير المنضبطة لا تستطيع أن تبني أسرة متماسكة، ولا مجتمعًا مزدهرًا، ولا أمة قوية. من الفرد إلى المجتمع حين يُصلح الفرد نفسه، ينعكس ذلك على محيطه: • الأسرة تصبح أكثر انسجامًا. • العمل أكثر نزاهة وكفاءة. • العلاقات الإنسانية أكثر دفئًا وثقة. وبالعكس، فساد الفرد ينساب إلى محيطه كالنار في الهشيم، يضعف القيم ويفسد المؤسسات. الحكمة في واقعنا اليوم في عالمنا المعاصر، نميل أحيانًا إلى إلقاء اللوم على الحكومات أو الظروف أو “الآخرين”. لكن الحقيقة أن الإصلاح يبدأ من لحظة مواجهة المرآة: كيف أتعامل مع نفسي؟ مع أسرتي؟ مع عملي؟ هل أزيد العالم نورًا أم ظلمة؟ إنها رحلة شاقة بلا شك، لكنها الطريق الوحيد إلى تغيير حقيقي. فكما قال أحد الحكماء: من غلب نفسه، فقد غلب العالم. خاتمة الحضارات العريقة لم تخلّد بالقوة وحدها، بل بالأخلاق والقيم التي صاغتها. وحكمة “إصلاح النفس بداية كل إصلاح” تظل صالحة لكل زمان ومكان، تذكّرنا أن التغيير ليس قرارًا خارجيًا يُفرض علينا، بل بذرة تنبت في الداخل، ثم تمتد أغصانها لتظلل العالم. علي الكاتب ✍️ @Ali ابو الانگليزي @Ali ابو الانگليزي @Ali ابو الانگليزي - @ali_al_kateb